- كتب: د. عبدالعزيز علوان
حسب قوانين الثرموديناميك (الديناميكا الحرارية)، فإن الإنتروبيا (الاضطراب الذي يحدث لأي نظام فيزيائي يبقى في زيادة مستمره تؤدي إلى خلخلة النظام)، بمعنى أن النظام تحت وطأة هذه الانتروبيا يفقد تدريجيًا هدوء انتظامه، ويتجه نحو الفوضى.
لا تقتصر هذه الإنتروبيا على التغيرات الكونية بل تنشأ في كل الأنظمة الحياتية، حيث نشاهد أثرها في الشارع من خلال السلوك اليومي، وكذا أثرها في صحة الانسان من خلال ما تحدثه من اضطراب في خلايا نموه مع تقدم العمر، ونراها في السياسة وأنظمة الحكم والاقتصاد والثقافة والفكر، ونلمس زيادتها في الوظائف العامة والخاصة، وفي كل مايخطر على البال.
أنظر إلى أي شارع أو سوق أو مدرسة أو جامعة أو مشفى أو أي نظام حكم في دولة ما، وعد بتأملك خطفًا من الوقت، كتأمل مقارن بين ماكان عليه الوضع قبل سنوات وما صار إليه الآن، فستجد العشوائية (الإنتروبيا) قد غيرت معالمه، وأقلقت نقاء كينونته التي كانت، وماتزال في زيادة مستمرة.
إعادة هذه الأشياء (الأنظمة) إلى وضعها السابق تتطلب طاقة عالية وزمن أطول وربما لن تعود إلى سابقة عهدها، إلا إذا رجع الشيخ إلى صباه يرتع ويلعب كحقيقة ماثلة أمامنا.
خذ مثلًا بسيطًا، يتعلق بالغاز السائل المضغوط في اسطوانة الغاز المنزلي، كنظام مغلق، منتظمًا قليل الإنتروبيا، ولنتسائل معًا ماذا يحدث لو انفجرت هذه الأسطوانة بفعل زيادة حركة الغاز وضغطه على جدرانها نتيجة العبث فيها؛ هل نستطيع إعادة الأسطوانة والغاز الى وضعهما السابق؟ وقل مثل ذلك لقنينة الماء والعطر.
إذا انكسر فنجان القهوة الصباحية، كيف سنعيده إلى وضعه السابق؟ وكذا لو تكسر زجاج النافذة، إن إعادة الزجاج إلى وضعه بحاجة إلى طاقة جهد كبيرة.
تعاملاتنا الاجتماعية البينية كزملاء دراسة كانت لها خصائصها وخواصها المنتظمة وأصبحت مقرونة بإخلاقيات اليوم الاستهلاكية.
ولنتسائل معًا وفقًا لتلك الأمثلة هل نستطيع إعادة الشارع إلى جماله، وهذه المؤسسة أو تلك التي قدّت الإنتروبيا قوانينها ولوائحها من كل الجهات، وهل نستطيع إعادة أسعار العملة إلى علاقاتها السابقة مع العملات الأخرى، وهل يمكننا إستعادة صحتنا وعافيتنا إلى ما كانت عليه أيام الشباب؟.
وعلى ذلك فقس الإنتروبيا (زيادة الفوضى) في كل الأشياء التي أحاطت وماتزال تحيط بنا منذ انتظامها الأول التى كانت عليه في(المهد) وإلى ما صارت وتصير إليه اليوم وغدًا إلى ما شاء الله.
* تعز 24 يونيو 24