- كتب: د. عبدالعزيز علوان
إلى الدكتور: صادق عبده سيف المخلافي
من نقطة لا سمك لها ينطلق المسار المستقيم بين نقطتين ممثلًا للبعد الواحد، ويتم الانتقال بين هاتين النقطتين.
برسم مستقيم آخر من اية نقطة على الخط المستقيم بين النقطتين (البعد الأول) يتحدد البعد الثاني كمستوى كارتيزي (نسبة إلى الهندسة المستوية)، حيث ترى الكائنات التي تعيش في هذا البعد الكرة بأنها نقطة مستوية.
البعد الثالث:
يأتي البعد الثالث (طول وعرض وارتفاع) وهو البعد الأكثر وضوحًا لأننا نعيش فيه ونرى ما حولنا بكل هذه الأبعاد (المجسمة) كما يمكن الحصول عليه من ثني ورقة مستوية على نفسها بحيث تتلاقى نهاية المستوى مع بدايته.
البعد الرابع:
يأتي البعد الرابع للزمن كامتداد طولي بين الماضي والمستقبل؛ و يمثل ما نراه في وقتنا الحاضر، فنحن لا نرى أنفسنا في الزمن الماضي ومستحيل رؤيتنا في المستقبل؛ فالزمن عبارة عن بعد طولي يمثل الحاضر الذي نعيشه كأفراد. بمعني أن البعد الرابع هو تقاطع حاضرنا مع الأبعاد المكانية (للماضي والمستقبل).
في الفيزياء الحديثة نجد أن تفسيرها للأبعاد (الزمكانية) عبارة عن نسيج منحني مرتبطان مع بعضهما ويغطي الكون كله يُستدل بذلك من انحناء الضوء بفعل الجاذبية.
البعد الخامس:
مجموع الاحتمالات التي نسلكها من نقطة معينة تسمى الآن، تمامًا كما في احتمالات تواجد الجزيئات الذرية طبقا لمعادلة شرود نجر.
بتوضيح أكثر يمكننا رسم هذا البعد بين نقطتي الماضي والمستقبل، وهو عبارة عن مجموع جميع الاحتمالات لمراحل الشخص منذ ولادته حتى وفاته.
فقد يحدد الإنسان رغبته في الدراسة التخصيصية في تخصص ما، وتريد له الأسرة أو الإمكانيات في دراسة تخصص آخر وهذه الرغبة تحددها مجموع هذه الاحتمالات الممكنة لتحقيق الرغبة.
البعد السادس:
يحدد هذا البعد مجموع الاحتمالات الممكنة لمصير الشخص المستقبلي غير المخطط له؛ كأن يصبح الشخص بعد حصوله على أعلى شهادة تحدد الوظيفة بموجبها، ويصبح هذا الشخص في موقع آخر غير متوقع ونجده يعمل غير ما كان يخطط له، كأن يعمل بقالًا، سائق سيارة أجرة أو بائع قات في يمن الحكمة.
الأبعاد الفيزيائية الأعلى (السابع، الثامن، التاسع والعاشر) تحكمها معادلات رياضية تتبع نظرية الأوتار الفائقة التي تنص على أن (أصغر الجزيئات الذرية تهتز ضمن أشكال معينة ودقيقة لا يمكن إدراكها وتشكل الأبعاد الأساسية للأكوان المتعددة) وهي عبارة عن معادلات لا منتهية يعطي كل حل لها مستوى معين.
أبعاد الكسل والموت
كمثل الكسب بأبعاده المكانية والزمنية وتعدد أبعاده السببية. تتحدد أبعاد الموت بثلاثة أبعاد رئيسية تتفرع منها أبعاد أخرى هذه الأبعاد الرئيسية هي (المكان الزمن السبب).
فالمكان بأبعاد الثلاثية والزمن كبعد رابع للمكان حسب النسبية، ويأتي السبب بأبعاده اللامتناهية التي تتشابه مع الأبعاد الاحتمالية لنظرية الأوتار الفائقة. ليحدد مجموع احتمالات الكسب لدى الإنسان خيرًا أو شرًا، مالًا أو مكانة اجتماعية أو أخلاقية أو علميه أو غيرها.
ومن الشواهد القرآنية، الآية التي حددت فيزيائية الكسب والموت. باعتبارهما من الأبعاد المنظورة مكانيًا وزمنيًا، والغيبية أسبابًا: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا؛ وما تدري نفس بأي أرض تموت).
الفرار من الموت يتخذ البعد الأول، وملاقات الموت يتخذ ذات البعد في الاتجاه العكسي، البروج المشيدة مجسمًا مكانيا للموت والوصول اليه أيسر من الاختباء فيه.
الدخول في تفاصيل فلسفة الكسب والموث كثيرة ومثيرة للجدل، وبالتالي يمكن الاكتفاء ببعض الشواهد الشعرية والأمثال الشعبية في هذا المقام.
الشواهد الشعرية والأمثال:
وما الدهر إلا تارتان فمنهما … أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح (شعر)
من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد (شعر)
الأمل طول والأجل عرض (مثل)
إبدأ يا موت، بل ابدأ يا سبب (مثل)
يضرب الإنسان الأرض بحثًا عن الرزق (الكسب)، ولن يجدد غير ما يسر وخلق لأجله( حديث نبوي).
ذهب الذين أحبهم وبقيت مثل السيف فردا (شعر).
وتأتي مفارقة البردوني كمسك ختام لهذه العجالة:
عاش الذي قلنا يموت
ومات من قلنا يعيش.
- تعز 7 يوليو24